خطة السعودية لإضعاف إيران تبدأ بسعر النفط




باريس - قالت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الرّوسية إن "السعودية تريد إضعاف إيران عن طريق خفض سعر البترول، ممّا ‏سيتسبّب ‏في أزمة سياسية وفي تغيير النظام" في طهران التي اتهمت الرّياض بالتّسبّب في تراجع أسعار النفط بشكل حاد.

ووصلت القوى العالمية الست (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا، المانيا) إلى طريق مسدود مع ‏إيران في المحادثات بعد ثلاث جولات (باسطنبول وبغداد وموسكو) منذ استئنافها في ابريل/‏ نيسان الماضي بعد توقف دام ‏‏15 شهرا.

ويُلقي فشل المباحثات بظلال من الشكوك ‏حول قدرة الجانبين على الخروج من الأزمة؛ فإيران تريد أن يعترف المجتمع الدولي ‏بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية كما تزعم، بينما تقول القوى الغربية إنها تشك في أن نوايا إيران هي إنتاج الوقود من أجل أسلحة نووية. كما أن السياسات الداخلية في الولايات المتحدة الأميركية وإيران ‏تستبعد إمكانية تقديم أي من الطرفين تنازلات كبيرة.‏

ومع بدء العدّ التّنازلي لفرض الاتحاد الأوروبي حظرا كاملا على النّفط الايراني في أول يوليو/‏ تموز، يضاعف احتمال ‏زيادة إنتاج السعوديةـ العضو الوحيد في منظمة ‏الدول المصدرة للنفط "أوبك" الذي يحظى بفائض إنتاج كبيرـ من مخاوف ‏إيران المنهكة اصلاً.‏

تغيير النظام بتعويم السّوق

والسعودية بحاجة هي الأخرى إلى أسعار نفط عالية لتنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي أعلن عنها الملك عبدالله في ‏أعقاب الاضطرابات المرتبطة بـ"الربيع العربي" والتي تتعلّق بصفة رئيسية بإيجاد فرص عمل للعاطلين وتبلغ قيمتها حوالي ‏‏130 مليار دولار.‏

لكن المملكة هي أكبر مصدر للنفط في العالم وتمتلك نحو خمس اجمالي الاحتياط النفطي العالمي وتحتلّ ثالث أكبر اقتصاد ‏من حيث إجمالي الاحتياط المالي المقدّر بحوالي تريليوني ريال (أكثر من 533 مليار دولار) والمرشّحة لاحتلال سادس ‏أكبر اقتصاد في العالم وأغنى اقتصاد في الشرق الأوسط بحلول عام 2050.‏‎ ‎

فلن تتوانى السعودية ـ حليفة الولايات المتحدة وعدوّة إيران عن تعويض النقص في الإمدادات النفطية الذي ‏ستواجهه السوق ‏بعد دخول الحظر النفطي على إيران حيّز التّنفيذ والذي أعاد تأكيده الثلاثاء وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بقوله ‏‏"سيستمر تشديد العقوبات ما دامت إيران ترفض إجراء مفاوضات جدية" بشأن برنامج طهران النووي.‏

وقد بدّد وزير النفط السعودي علي النعيمي أي شكّ في استمرار المملكة في ضخ النفط وفقا للحاجة عندما أوحى إلى أنه ‏يفضل "سقفا أعلى للإنتاج في أوبك" على هامش الملتقى الدولي الخامس لدول المنظمة في العاصمة النمساوية فيينا في 14 ‏يونيو/حزيران.‏

ونُقل عن النعيمي قوله إن "التحليلات السعودية تشير إلى أننا سنكون بحاجة إلى سقف أعلى للإنتاج ‏مقارنة بالوضع الحالي"، ‏مضيفاً أن "السعوديين سيرون رد فعل باقي أعضاء أوبك على هذه الرؤية قبل أن ‏يكون هناك موقف رسمي".‏‎ ‎

ونقلت الوول ستريت جورنال عن ‏محلل في المكتب الأميركي للدراسات حول الوطن العربي والإسلامي، "أورازيا غروب"، ‏الكائن بنيويورك، قوله إن "‏السعوديين يفضلون أن يبقوا إلى جانب الحفاظ على وفرة الإمدادات في السوق في الوقت الذي ‏يتراجع ‏فيه الإنتاج الإيراني". ‏

وقالت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" إن "السعودية وحليفتيها، الكويت والإمارات العربية المتحدة، تريد إضعاف إيران عن ‏طريق خفض سعر البترول إلى 60 دولارا للبرميل الواحد. لذلك تزيد السعودية من إنتاجها للبترول حتى أنها سبقت ‏روسيا ‏في كمية الإنتاج لتتحول في مارس الماضي إلى أكبر منتج للبترول في العالم".‏

وأضافت الصحيفة الروسية أن ‏"خبراء البترول يعتقدون أن سعر 100 دولار للبرميل الواحد هو أقل سعر يمكن من خلاله ‏لإيران تسجيل الأرباح من بيع البترول وأن انخفاض سعر البترول سيزيد ‏من الصعوبات الاقتصادية في إيران خاصة في ‏ظل الحصار الاقتصادي الأميركي عليها وقد يتسبب الأمر ‏في أزمة سياسية وفي تغيير النظام".‏

وكانت أسعار النفط قد تراجعت بشكل حاد من 128 دولاراً للبرميل في يناير/كانون الثاني2011 إلى حوالي 96 دولاراً قُبيل اجتماع ‏أوبك، مع استمرار وفرة الإمدادات ووسط قلق من أزمة ديون منطقة ‏اليورو والتباطؤ في الاقتصاد العالمي وتعثّر ‏المفاوضات بين إيران والقوى العالمية. ‏

وقررت المنظمة الإبقاء على سقف الانتاج عند مستواه الحالي بـ30 مليون برميل في اليوم، المعمول به منذ كانون ‏الاول/ديسمبر والذي ارتفع في ايار/مايو الى 31.86 مليون برميل في اليوم، مع الزيادة الكبيرة لإنتاج السعودية، وكذلك ليبيا ‏والعراق، بحسب وكالة الطاقة الدولية. وسيعقد اللقاء المقبل لاوبك في 12 كانون الاول/ديسمبر في فيينا.

تهديدات مضادّة

وقد خسرت إيران موقعها في الأوبك بصفتها ثاني أكبر المنتجين لصالح العراق الذي ينتج حاليا حوالي مليوني برميل ‏يومياً بينما انخفض إنتاج إيران إلى 8‏.‏1 مليون برميل بترول يومياً.‏

وكان وزير النفط الإيراني رستم قاسمي قد بعث قُبيل الاجتماع برسالة إلى الأمانة العامة للمنظمة عن طريق وزير النفط العراقي الذي تتولى بلاده حالياً رئاسة اوبك، يحتجّ فيها على "تجاوز ‏السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لحصتها المحددة في إنتاج النفط".

وفي محاولة لثني الاتحاد الأوروبي عن وضع قراره موضع التّنفيذ، حذّر وزير الاقتصاد الايراني شمس الدين حسيني في ‏مقابلة مع قناة "سي ان ان" من تبعات المترتبة على تنفيذ الحظر على النفط الايراني قائلاً "لن نستبعد وصول اسعار النفط الى ‏‏160 دولاراً للبرميل"، مضيفاً أن "الاتحاد الاوروبي سيفاقم الأزمة الاقتصادية في الغرب بتنفيذ قراره هذا".‏

وهدّد قائد بحرية الحرس الثوري الإسلامي الأميرال علي فدوي "الأعداء" في خطاب ألقاه في 14 يونيو/حزيران في القاعدة البحرية ‏للحرس الثوري الإيراني في شاباهار، بأن "إيران تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على أمن طرق الطاقة" وأن "الأعداء أصبحوا أكثر وعياً من أي وقت مضى بأهمية موقع إيران الجغرافي".

واختتمم فدوي بالقول أن "إطلاق رصاصة واحدة في الخليج الفارسي سوف يؤدي إلى الانهيار الاقتصادي ‏للعالم الغربي".‏

لكن بعض القادة الإيرانيين زعموا أن العقوبات الاقتصادية ‏والمالية لا تترك تأثيراً ‏على إيران بسبب وجود الكثير من زبائن البترول مثل الهند، إضافة إلى الصين.‏

فالهند هي من كبار مستوردي النفط الإيراني. ولذلك تجهد الولايات المتحدة من ‏أجل إقناع نيودلهي بتخفيض كميات ‏البترول التي تستوردها من إيران.‏

ونقلت وكالة مهر للأنباء عن مسؤول في منطقة بهرغان النفطية قوله إن إيران ستقوم بإنشاء ثلاث ‏محطات لتخزين النفط، ‏بطاقة إجمالية قدرها ثلاثة ملايين برميل بحلول عام 2013،‎ ‎وذلك في محاولة ‏لـ"التعامل مع عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد ‏قطاع النفط في الجمهورية الإسلامية".‏(ميد إيست أونلاين)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق