بقلم: كرم نعمة
دعونا نتخيل
الثروة التي نزلت على المصور "المواطن الصحفي" الذي التقط صورة للطباخة البريطانية
نايجيلا لوسون فيما زوجها تشارلز ساتشي أو "الساعاتي" (اليهودي العراقي)
يمسك برقبتها في شجار بأحد مطاعم العاصمة البريطانية لندن!
ليس المهم التوقيت ولا المصادفة في التقاط الصورة
ولا حتى إن كان المصور جان بول، وهذا اسم مستعار له، كان محترفا أم لا، ولا القيمة
الفوتوغرافية التي تقدمها هذه الصورة، بل تكمن الأهمية في أن يتسيد "المواطن الصحفي"
المشهد فيما الصحفي المحترف يبقى مقيدا إلى طاولته وكمبيوتره في انتظار أفكاره.
ثمة قصة وحدث مع أنه شخصي جدا، لكن إثنين من المشاهير
يصنعانه، الطباخة في هيئة الإذاعة البريطانية نايجيلا لوسون التي تسحر الجمهور بابتساماتها
وزوجها الثري من أصول عراقية تشارلز الساعاتي، فجأة ينفعل الإثنان فيما يقوم الزوج
بمسك رقبة الزوجة وكأنه على وشك خنقها وأمام أعين رواد المطعم! وهذا حدث وفق التقاليد
الأسرية يصنف ضمن العنف الأسري، وتصبح دلالته مضاعفة إذا كان أحد المشاهير طرفا فيه.
كان "الحظ" أو القدر يقف إلى جانب هذا
الفوتوغرافي غير المحترف وهو يلتقط مجموعة من الصور للحظة الشجار، ثلاث صور لا أكثر
جلبت له الثروة، فيما ركن الشهرة جانبا عندما فضل أن يعلن عن اسم مستعار له هو جان
بول.
لقد باع الصورة إلى صحيفة بريطانية واحدة بمبلغ يصل
إلى 18 ألف دولار، هذا ما تداولته وسائل الإعلام، لكن الصور انتقلت إلى صحف الولايات
المتحدة وأستراليا وجنوب أفريقيا وكندا وبولندا، من دون أن يتم تقدير الأثمان التي
دفعت للمصور، فضلا عن 600 من المواقع الإلكترونية على الإنترنت التي نشرتها باتفاق
معه أو من دونه وبشكل غير قانوني.
ويمكن تصور كم من الأموال أغدقت على هذا المصور المحظوظ،
إذا كانت صحيفة واحدة دفعت له مقابلا يعادل راتب صحفي بريطاني متمرس لمدة 4 أشهر تقريبا.
هل تكمن الدلالة في هذه القصة في المال الذي حصل
عليه جان بول؟ أبدا، بل في المستقبل الذي يصنعه "المواطن الصحفي" في صناعة
المادة الإخبارية، فما فعله هذا الرجل المحظوظ أنه أخرج هاتفه المحمول بينما كان جالسا
في المطعم نفسه أو مارا من أمامه "كما تبدو الصورة الثانية التي التقطت للزوجين
قبالة شرفة المطعم"، وصنع قصة إخبارية تلقفتها صحف الفضائح بنفس القدر الذي اهتمت
بها الصحف الرصينة.
ليس مستبعدا أن تدفع بعض الصحف والمجلات الأميركية
مثلا مليون دولار في الحصول على صورة تعتقد أنها توزع بعد نشرها ما يعيد لها أضعاف
ما دفعته في صورة واحدة، وهذا ينطبق على المصورين المحترفين أو أولئك الذين يلاحقون
نجوم المجتمع أينما حلوا، لكن أن يقوم مثل هذا "المواطن الصحفي" بالتقاط
صورة تكون الأكثر شعبية في التداول بين الصحف والمواقع الإلكترونية أكثر من أي وقت
مضى، فذلك يعني أن الإعلام بات صناعة شعبية مشتركة بامتياز ولا يقبل اللون الواحد المحايد،
بل يجمع مختلف الألوان المتناقضة.
ثمة رسالة أطلقها جان بول "المحظوظ" بصوره
لشجار نايجيلا الطباخة وزوجها الساعاتي العراقي الثري، صدمت الجمهور أولا، لكن صدمتها
المؤثرة كانت غير معلنة عندما أصابت الصحفيين والمصورين معا، بأن كل شي تغير في الصحافة.(ميدل إيست أونلاين)
0 التعليقات :
إرسال تعليق