القاهرة - بعد
مرور أكثر من 15 شهراً على ثورة ميدان التحرير في مصر وأربعة أشهر على الانتخابات
البرلمانية الحرة، يقول كثير من المصريين أن الظروف المعيشية اليومية هي أسوأ الآن
مما كانت عليه في عهد حسني مبارك.
ويقول
المحلل المصري عمار علي حسن "أحوال الشخص المصري العادي أصبحت أسوأ (اقتصادياً
واجتماعياً وامنياً) مما كانت عليه قبل الثورة".
ومنذ
الثورة الشعبية في بداية العام الماضي التي شهدت استبدال نظام مبارك بالمجلس
العسكري الحاكم، والمصريون يشكون من الارتفاع المطرد لأسعار عدد من السلع
الاستراتيجية. ويشمل ذلك المواد الغذائية الأساسية (السكر والأرز وزيت الطهي) وأنواع
الوقود، مثل السولار والغاز والبنزين.
ويقول طارق
موسى (موظف في شركة تجارية محلية) إن "الأسعار في السوق ترتفع بشكل غير مبرر.
فقد قفز سعر كيلو الطماطم من جنيه واحد إلى خمسة جنيهات بين عشية وضحاها (الجنيه
المصرى يعادل 16 سنتا أميركياً)".
ويضيف "راتبي
الشهري الآن لا يكاد يكفي لإطعام زوجتي وأطفالنا الإثنين".
ورافق
ارتفاع تكاليف المعيشة النقص في الإمدادات وخاصة للوقود المستخدم في النقل والطبخ.
وشهدت
القاهرة في الأشهر الأخيرة طوابير طويلة عند محطات البنزين، تمتد في كثير من
الأحيان حول المنازل المجاورة بسبب نقص البنزين علي مدي أسابيع طويلة.
كما راجت
أيضاً تقارير متواترة عن اندلاع مشاجرات على أسطوانات غاز البوتان المستخدمة لطهي
الطعام (تستخدمها معظم الأسر المصرية) التي هي أيضاً تعاني من نقص متزايد في
الأسواق.
ويقول موسى
"ارتفعت تكاليف النقل بشكل كبير لأن سائقي الحافلات والميكروباص ضاعفوا
أسعارهم بسبب النقص المزمن في البنزين".
ويضيف "نظرا
لتدني راتبي، أصبح من الأفضل لي، من ناحية فعالية التكلفة، عدم الذهاب إلى العمل".
وبالإضافة
لهذه المظالم الاقتصادية، يشكو كثير من المصريين أيضاً من الفراغ الأمني الحالي في
مرحلة ما بعد الثورة وتأثيرها على الأمن الداخلي.
ففي ذروة
ثورة العام الماضي، سحب نظام مبارك قوات الشرطة المصرية على الصعيد الوطني، وترك
مسؤوليات الشرطة المحلية في يد المؤسسة العسكرية، وهي التي لم تفعل شيئا يذكر لوقف
تصاعد الجريمة الناتج عن ذلك الفراغ الأمني. ولم يتم بعد إعادة نشر قوات الشرطة
بنفس مستويات مرحلة ما قبل الثورة.
و أصبح
السلب الآن مألوفاً في شوارع العاصمة، وأصبحت سرقة السيارات واحدة من الأحداث
المتزايدة في البلاد.
كما أدى
انعدام الأمن الداخلي، جنباً إلى جنب مع الاضطرابات الإقليمية الجارية، لخسائر
كبيرة في قطاع السياحة المصري، الذي كان مزدهراً وكان يمثل مصدر دخل للكثير من
العاملين فيه، ومثل مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية.
فبحسب
وزارة السياحة المصرية، انخفض العائد السنوي من السياحة من حوالي 12.5مليار
دولاراً في عام 2010 إلى نحو 8.8 مليار دولاراً في عام 2011.
وتجمع مئات
الآلاف من المتظاهرين من مختلف ألوان الطيف السياسي في ميدان التحرير في القاهرة
في 20 أبريل الأخير للتعبير عن الشكاوى والمظالم التي طال أمدها، وأهمها تدهور
مستوى المعيشة.
إلا أن حسن
يشدد على أنه لا يمكن إلقاء اللوم على ثورة العام الماضي أو اعتبارها مسؤولة عن
تزايد المشاكل الاقتصادية والأمنية في مصر.
ويضيف "إن
الثورة التي حررت الحياة السياسية المصرية بعد أكثر من 30 عاماً من حكم الحزب
الواحد، لا ينبغي أن ينحى عليها باللائمة في تدهور الأوضاع... فالتدهور الحالي هو
نتيجة مباشرة لفشل المجلس العسكري في إدارة تحول مصر إلى الديمقراطية بأسلوب سليم".
"فلو
طبقت المؤسسة العسكرية الحاكمة بضعة تدابير بسيطة، ستكون ظروف المعيشة أفضل اليوم.
وكان ينبغي على العسكري أن يعمل بجد لضمان الأمن الداخلي، ومنع الاحتكارات في
السوق، وتنشيط الاقتصاد واستعادة الأموال العامة التي سرقها النظام السابق".
ولا يستبعد
حسن احتمال كون هذا الإهمال متعمد. "فهذه الاخفاقات الواضحة تعكس نقص الخبرة
السياسية والإدارية عند العسكري، أو التسرع في صنع القرار. أو قد تكون ناشئة مع
سبق الإصرار ، بهدف تشويه سمعة الثورة ومبادئها".
وكان
المجلس العسكري الحاكم قد تعهد مراراً وتكرارا بتسليم السلطة التنفيذية الى رئيس
مصر القادم بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق من هذا الشهر.
ويعبر مجدي
شريف عن رأيه، وهو رئيس حزب حماة الثورة الوسطي، فيعزو ظروف مصر المعيشة التي
تزداد سوءاً إلى أن "معظم الأنشطة الاقتصادي الأساسية في مصر لا تزال في أيدي
عناصر النظام السابق".
كما يعزو
شريف الفراغ الأمني الجارية إلى "الطابور الخامس من نظام مبارك الذين لا
يزالون يمسكون بزمام وزارة الداخلية، التي عملت بنشاط -ولا تزال تعمل- من أجل
تعزيز عدم الاستقرار وتشويه سمعة الثورة".
ولكن كلا
الرجلين يلقون باللوم أيضاً (وإن بدرجة أقل) على السلطات السياسية لما بعد الثورة
في مصر، وهي تشمل الأحزاب الإسلامية التي تسيطر معاً على أكثر من ثلاثة أرباع
المقاعد في البرلمان، جنباً إلى جنب مع نظرائهم الليبراليين واليساريين.
فيقول حسن
إن "الوضع الاقتصادي في مصر لن يكون سيئاً إلي هذا الحد لو استخدمت الأحزاب
الإسلامية قوتها الجديدة في البرلمان للضغط من أجل المطالب الثورية البارزة، مثل
إصدار تشريعات مكافحة الاحتكار، ورفع الحد الأدنى للأجور".
ويضيف "بدلاً
من ذلك، نراهم يستخدمون نفوذهم في البرلمان للتصارع على السلطة مع المجلس العسكري
الحاكم".
ويشير شريف
إلى أن مرحلة ما بعد ثورة مصر هي مرحلة "المراهقة السياسية". ويضيف "ومرحلة
المراهقة هذه تمتد لتشمل كل الفصائل السياسية (الإسلاميين والليبراليين والثوار). وهذا
هو السبب الرئيسي في الأزمة السياسية الحالية، فمعظم القوى السياسية تضع مصالحها
الضيقة فوق مصالح الأمة".
وفي الوقت
نفسه، اصطف المرشحون في انتخابات مصر الرئاسية المقبلة (المقرر إجراؤها في 23-24
مايو) ليقدموا الوعود للناخبين المحتملين حول تحسين بيئة الأمن الداخلي، وتحسين
ظروف المعيشة والتنمية الاقتصادية السريعة.
ويقول عمرو
موسى (أحد مرشحي الرئاسة البارزين) إن الأسس الرئيسية للبرامج الانتخابية تشمل
إعادة إرساء الأمن ورفع المعاشات والحد الأدنى للأجور وحفز الاقتصاد عبر مشاريع
التنمية الكبيرة وتحسين الصحة العامة وخدمات التعليم.
أما شريف
فيؤكد أن المرشحين يقدمون وعوداً بحل كل المشاكل في البلاد ولكن يجدر بالرئيس
المصري المقبل أن يفي بتلك الوعود ... لأنه قد يواجه ثورة ثانية ضده".(إنتر
بريس سيرفيس)
0 التعليقات :
إرسال تعليق