أبوظبي - في
عرضهم الثالث في الإمارت، حاول ثلاثة فنانين سوريين تقديم مبررات للمطالبات
بالإصلاح في بلادهم التي تشهد اضطرابات مستمرة منذ أكثر من عام.
فقد استضاف
مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام بأبوظبي يومي الأربعاء والخميس مسرحية "سوناتا
الربيع" لفرقة السمت المسرحية على مسرح أبوظبي.
المسرحية
من مدرسة المونودراما القائمة على ممثل واحد هو مازن الناطور الذي اشتهر بأدواره
البدوية في المسلسلات التلفزيونية.
وقام
بكتابة النص الكاتب المسرحي جمال آدم المقيم في الإمارات، أما مخرج العمل ماهر
صليبي فقد قدم إلى الإمارات اخيرا بحثا عن فرص عمل بعد تأثر الإنتاج في سوريا اثر
الثورة.
في مونولوج
طويل يسرد أبوحسن الذي يقوم بدوره مازن الناطور، كيف انتهى به المطاف إلى العمل
كدهان والسكن وحيدا في غرفة حقيرة على السطوح، بعدما كان أستاذا للتاريخ في
الجامعة اثر سنوات دراسة في فرنسا.
يسرد
أبوحسن حكايته وهو يصلح جدران بيته ويصبغها، وحينما يستعصي عليه شرخ في الجدار
يصرخ "راح أصلحك يعني راح أصلحك، مش مثل اصلاحاتهم… عشر سنين وما شفنا شي..".
إلا انه
يرتعب من وقع كلمة "إصلاح" على النظام فيقرر استبدالها بـ"علاج"
حتى لا يقع تحت طائلة القمع مرة أخرى، فيكشف في فضفضته الداخلية كيف أنه فضل دراسة
التاريخ على الطب في فرنسا، وبقي محافظا على وصية والده التي صاغها المتنبي في بيت
الشعر الشهير "من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام؟". فدفع ثمن
ذلك خسارته لوالده ووظيفته وزوجته وابنته ورجولته أيضا.
وتبدأ
المعاناة عندما يرفض "تنجيح" ابنة "المعلم" التي تدرس في صفه،
والمعلم عند السوريين هو المسؤول الرفيع المستوى، فيعتقل ويعذب لسبعة أيام، ويموت
والده من القهر ومهانة الاستجواب، وتهجره الزوجة وتأخذ ابنتها معها إلى بلدها
فرنسا.
ويفقد
رجولته تحت التعذيب، فيعمل دهانا حتى "لا يذل" حسب تعبيره، وفي ذروة
انفعالاته يقوم بتحطيم الجدران حوله ويقول صارخا "يا معلم انتو اللي دمرتوا
البلد… انتو اللي دمرتوا القيم…".
وفي تقنية
قد تكون جديدة في المسرح العربي، يستعين المخرج بشاشة عرض ضخمة موضوعة في إطار
النافذة ليعرض صور فيديو من ذاكرة أبوحسن، فتحضر صورة الأب والزوجة والابنة
سوناتا، والسجان الذي يستجوبه ويعذبه، كما استخدم التقنية ليختم العمل بقصيدة محمد
الماغوط الشهيرة:
"تركوا
لنا بقايا الشمس لندفأ…
بقايا
الموائد لنأكل
بقايا
الليل لننام
بقايا
الفجر لنستيقظ
بقايا
الموسيقى لنسمع
بقايا
الأرصفة لنمشي
بقايا
الأصابع لنكتب
ثم يتركون
لنا الوطن من المحيط إلى الخليج لنقاتل ونموت من أجله".
يتبع ذلك
شريط أسفل الشاشة يقول: خبر عاجل، تاركا الجمهور يصنع خبره.
ويقول
المؤلف جمال آدم، ان النص مكتوب في نهاية العام الماضي، أي بعد مضي نحو عام على
الثورة السورية، موضحا "أردت التلميح إلى الجروح الكثيرة التي قادت إلى
الانتفاضة في الوطن العربي وتحديدا في سوريا، وأقول انتفاضة لأن الثورة تكون على
المحتل للأرض".
وعرض
المسرحية سابقا في مهرجان الفجيرة للمونودراما ومهرجان الشارقة للمسرح، وستعرض في
دبي وألمانيا وأسبانيا وواشنطن.
ويعتبر آدم
أن العمل يعكس وجهة نظره في الدفع نحو الإصلاح في بلده بطرق سلمية ويقول "أنا
مؤيد لسوريا جديدة بطريقة إنسانية وعبر الحوار وليس السلاح، وتحطيم الجدران في
العمل هي البداية الجديدة التي نريدها، وهذا ليس تحطيما للبلد بل هو هدم للسياسات
السابقة".
المخرج
ماهر صليبي تجنب استخدام المصطلحات السياسية في حديثه، وقال "العمل عن مأساة
مواطن سوري رفض التعامل مع الفساد فينعزل عن الحياة، فالفساد يأخذنا إلى أماكن
أخرى مثل ما يحدث الآن، وهي رسالة إنسانية من فن اللامباشرة الذي أفضله".(فرانس
برس)
0 التعليقات :
إرسال تعليق