في زمن ويكيليكس وفيسبوك... هل حان الوقت لإعادة تعريف "الصحفي"؟


بقلم: كرم نعمة

العالم تغير، وسلوك القراء لا يمكن أن يعود إلى الوراء، وعلى المشرعين البحث عن تعريف جديد للصحفي يتناسب مع "جيل الويكيبيديا" حسب تعريف بيان الإنترنت الذي صاغته مجموعة من الصحفيين عندما اجتمعوا في ألمانيا قبل ثلاثة أعوام.

فهل يبدو سؤال "من هو الصحفي" بسيطاً بشكل مخادع عندما يطلق اليوم بين أروقة اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي وهو يعد لصياغة "قانون الحماية" الذي من شأنه أن يوفر درعا واقياً للصحفيين عندما تسعى الحكومة ووكالاتها إلى اعتقال الصحفي أو معرفة مصادر أخباره.
يبدو من الصعوبة بمكان الاتفاق على تعريف للصحفي اليوم، لكن المشرعين بحاجة إلى الوصول إلى الحد الأدنى من التعريف لأولئك الذي يهيمون على وجوههم في صناعة الرأي عبر المتاهة الأخلاقية بين المحررين والسياسيين.
                  
سيتم القبول بتعريف الشخص الذي لديه مصلحة للتحقيق في الأحداث عبر المراقبة والمقابلات وتقديمها للجمهور بنية النشر وحدها من أجل إشاعة المعلومات، على أنه صحفي.

لكن سناتور أميركي يرفض توفير الحماية لجوليان أسانج صاحب ويكيليكس مثلا؟ مع أنه اليوم يمثل بامتياز صورة "الصحفي المواطن" فهل سيتم الاتفاق بعد ذلك على تعريف معاصر للصحفي؟

سناتور آخر يقر بأن القانون الجديد يجب أن يقدم المساعدة لما سماه بـ"الصحفيين الحقيقيين" أي أولئك الذين يستمدون الأجور من عملهم، لذلك لا يصنف المواطن الصحفي الذي كان خلال السنوات الأخيرة مصدرا سريعا للأخبار، ضمن من يوفر لهم المساعدة "قانون الحماية" الذي يشرعه حاليا مجلس الشيوخ الأميركي.

فهل يمكن استبعاد جيل كامل يمارس الصحافة اليوم بنية النشر المجردة وإشاعة المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات، بصفته شاهدا وصانعا للخبر عندما يلتقطه بنفس لحظة حدوثه.

يبدو أن طبيعة الواقع اليوم غير محددة بسلاسة أو بعيدة المنال من الاتفاق بين المشرعين، لأن الأحداث الصحفية الأخيرة التي هزت الولايات المتحدة والعالم جاءت من غير المصادر الصحفية الشائعة كالصحف والتلفزيونات، فـ"ويكيليكس" وجوليان أسانج وبعده ادوارد سنودن، يصنفون ضمن خانة "المواطن الصحفي" التي جعلت منهم أبطالا، أسوة بملايين ممن يهدفون إلى إشاعة المعلومات من على هواتفهم الذكية.

مثل هذا الاختلاف دفع الكاتب جاك شيفر إلى مطالبة السياسيين بـ"الاستقامة" بدلا من العمل على "تكبيل" الصحافة بقوانين تمرر ما يريدونه أصلا.

فتعريف الصحافة لا يمكن أن يتم اليوم عن طريق صناديق السياسيين والنقاش "الأنيق" على الطاولات، بل من خلال القصص المنتجة ومن يقف وراء إنتاجها.

لأن ما يهم في نهاية المطاف هو ما يخرج للناس، وما يؤثر على الوعي العام وليس اللوائح التنظيمية التي تحكم ممارسات المنتج، سواء من كان ينقل المعلومة من على هاتفه، أو محرر الخبر في مبنى الصحيفة أو عدسة المصور التلفزيوني.

"الصحفيون المواطنون" أولئك الذين اخترقوا الحلقة القديمة ووفروا المعلومات، هم لأسباب وجيهة يوصفون بالشجعان لأنهم يوفرون للعالم ما يحتاج أن يراه.

وبطبيعة الحال أن أساتذة الصحافة في الجامعات يجهدون أنفسهم لتحديد رموز ومعايير السلوك الأخلاقي، وهم لن يقبلوا بسهولة بـ"المواطن الصحفي" لأنهم في النهاية يقللون من أهمية وجوده، فيما المشرعون والقضاة يتعين عليهم بناء هياكل السلوك الذي يرونه يستحق ثقة الجمهور.


ولذلك سيكون من الصعوبة بمكان أن يتفق العالم اليوم على تعريف مقبول للصحفي، فيما المستقبل يحمل أكثر من هذا الاختلاف.(العرب اللندنية)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق