لا الجهاديين ولا الانفصاليين.. البطالة هي ما يهدد الديمقراطيات الأوروبية


بقلم: عيد الظفيري

"الديموقراطية في خطر". قيلت هذه العبارة أكثر من مرة في محاضرة مارتن شولتز رئيس البرلمان الأوروبي والذي كان في زيارة خاصة إلى العاصمة الاسبانية مدريد خلال مطلع الشهر الماضي. لم يكن شولتز قلقاً على الديموقراطية من تمدد الحركات الإسلامية المتشددة في دول الاتحاد الأوروبي، ولا من تنامي الغزوات الجهادية في قلب أوروبا، ولا من تزايد النزعات الانفصالية في بعض الأقاليم الأوروبية، كما أنه لم يبدِ أدنى تخوف من تأثير المهاجرين على قيم الديموقراطية الغربية كما يفعل العديد من الساسة الغربيين في حملاتهم الانتخابية!


إذاً ما الذي يقض مضجع رئيس البرلمان الأوروبي، ويجعله يكرر تلك الجملة على مسامع الحاضرين أكثر من مرة؟

إن الخطر الذي يتحدث عنه شولتز يكمن في انحسار فرص العمل في السنوات الماضية بشكل مخيف ومثير للقلق. فنسبة البطالة الآخذة في الإرتفاع في ظل أزمة اقتصادية خانقة في بعض بلدان الاتحاد الأوروبي هي بحسب رأيه الخطر الحقيقي الذي يهدد الديموقراطية، لأنها المحرض الرئيس لموجات الاحتجاج التي تشهدها بعض العواصم الأوروبية، والتي بدأت تأخذ منحى يتسم بالعنف والصدام مع قوات الأمن.

فهو يرى بأن على الأنظمة الديموقراطية أن تضع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في سلم أولوياتها قبل تلك القوانين التي تنص على العدل والمساواة والحرية. بمعنى آخر يجب تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين أولاً ثم يأتي دور الديموقراطية من أجل تنظيم الحياة السياسية في الدول.

ولم يكتفِ السيد شولتز بتحذير المجتمع الأوروبي من خطر البطالة على الديموقراطية، إذ دعى إلى انشاء بنك تودع فيه الأموال التي لا يخشى أصحابها من المخاطرة والمجازفة من أجل تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولتحقيق ذلك، يرى أنه لا بد من تأسيس ما أسماه بــ "الثقافة القائمة على المخاطرة برأس المال" في كافة دول الاتحاد الأوروبي. فهو يؤمن بأن هذه الإشكالية هي مـن أكبر العقبات التي يواجهونها في العصر الحديث.

قد يكون سبب قلقه في نظر الكثيرين نوعاً من استدرار العواطف والمشاعر الإنسانية كي يبدو على الأقل بهيئة الرجل النبيل الذي يؤرقه ويحزنه ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في بعض دول الاتحاد الأوروبي والتي على إثرها بلغت معدلات البطالة أرقاماً مخيفةً غير مسبوقة.

 لكن في حقيقة الأمر أن من أطلع على ما يكابده الشبان الأوروبيون من عناء ومشقة في سبيل الحصول على وظيفة، سيدرك أبعاد تلك الجملة التي عبرت عن مخاوف السيد شولتز، وهو يوجه حديثه إلى النخب السياسية والإعلامية بلغة واضحة ومباشرة.(ميدل إيست أونلاين)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك