وصفة بسيطة لنجاح "ربيع العرب الجديد": انتهاء الفتوحات الإسلامية!




بقلم: سجعان القزي

مَن لم يُرهِـبْه الشتاءُ العربيَّ في ما مضى، لن يخافَ الربيعَ العربيَّ اليوم. ومن قاوم الأنظمةَ العربيةَ لن يعارضَ الثوراتِ العربية. الربيعُ العربي هو موعِدي المنتظَر. رجَوتُـه أن يُطِلّ ويَستقر. فلاحَ وراح، فأحزنَني وصدَمني. الأنظمةُ العربيةُ جَـثَمت أربعينَ سنةً علينا قبلَ أن تَترنَّح، أما نَضارةُ الثوراتِ العربيةِ فلَم تَـدُم سوى أربعينَ يوماً. لست في أولى صدَماتي العربيةِ كمسيحيٍّ أو مواطنٍ عابرِ الأديانِ والقومياتِ نحو لبنانَ منارةِ العولمةِ المشرِقية.

أيدتُ الثوراتِ العربيةَ في الساحاتِ وأنكرتُها في القصور. أيدتُها في وجوهِ الشبابِ والشابات ورفضتها في الحكّامِ الجدد. أيدتُها في مطلبِ المساواةِ ورفضتُها في التمييزِ العنصري. أيدتُها في وثائقِ شيخِ الأزهر وتيارِ المستقبل وحزبِ الكتائب ورفضتُها في شرائعِ الإخوان المسلمين والسلفيين والجِهاديين. أيدتُها في شِعارِ "أعيدوا حريتي" ورفضتها في شعار "وأَعِدّوا لهم". أيدتُها في الديمقراطيةِ هي الحل ورفضتها في الإسلامِ هو الحل. أما الأنظمةُ القائمة، فأعارضُها في كلِّ زمانٍ ومكان، أعارضها في كل جمهوريةٍ وإمارة ومملكة. أعارض عقائدَها وشعاراتِها وسلوكَها وحكامَها.

من هنا ما عاد جائزاً أن يَمتحنَ بعضُنا البعضَ الآخر ليعرِفَ إن هذا مع الثوراتِ أو ذاك مع الأنظمة. إن سؤال المسيحيين إنْ كانوا مع الثوراتِ لم يَـعُد في محلِّه ـ وهو مرفوضٌ أصلاً ـ بعدما صار الثوارُ يثورون على ثوراتِهم والشعوبُ تُشكِّك بأنظمتِها الجديدة. الحاصلُ اليوم، أنَّ صراعاً نشأ داخلَ الثوراتِ قبل أن ينتهيَ الصراعُ بين الثوراتِ والأنظمة. الأنظمةُ تتآكلُ والثوراتُ تأكل بعضَها. وإذا كانت الأنظمةُ القائمة بدَّدت القضايا القومية، فالأنظمةُ الجديدة تُبدِّد قضيةَ الإنسان. أرى الحراكَ العربيَّ يَفلِتُ من ثورةِ الشعوب على أنظمتها ويقعُ في صراعِ الدول الكبرى على شعوبِ المِنطَقةِ من زاوية المصالح الاستراتيجية أكثرَ من زاويةِ نشرِ الديمقراطية والحرية. لذا، لا هذه الأنظمةُ القديمةُ نظامي ولا هذه الثوراتُ المصادَرةُ ثورتي ولا هذه الدساتيرُ الجديدةُ دستوري. ومأساةُ الإنسان العربي أنه لا يُخَـيَّـرُ أن يكونَ مع شيءٍ، بل يُجبرُ أن يكونَ ضِدَّ كلِّ شيء.

خِلافاً لما يَظُنّ البعضُ، ما يجري اليومَ ليس الربيعَ الأولَ لكي نُمهِلَه قبل أن نحكمَ عليه. عرَف العالمُ العربي، في المئةِ سنةٍ الماضية، أكثرَ من ربيعٍ من المحيطِ إلى الخليجِ مروراً بهذه الأرضِ الآراميةِ ـ الكنعانيةِ ـ الفينيقية. منذ سقوطِ السلطنةِ العُثمانية، مطلَعِ القرنِ العشرين، أطلّت علينا فصولٌ ربيعيةٌ عدة فحجَبناها وحجَّبناها وأجهضناها. نحن مجازون بالتغـيُّب عن مواعيدِ التاريخ.

• الأول هو ربيعُ الفكرِ القوميّ الذي كان طريقَ العبور من الحالةِ العثمانية إلى حالةٍ عربيةٍ تَعِدُ بالرقيِّ والثقافةِ والحضارةِ ولقاءِ الأديان.

• الثاني هو ربيعُ الكِيانات العربية المعترفِ بها دولياً حيث انتقلت الشعوبُ العربيةُ من واقعِ "السنجقِ والإيالت" إلى رحابِ الدولةِ الشرعية، ومن جَوْر "فرمان همايوني" إلى أحكام الدستور.

• الثالث هو ربيعُ الانتفاضاتِ على خرائطِ سايكس بيكو، إذ رفض بعضُ الشخصيات العربية تلك التقسيمات، فيما أقصى مُنانا اليوم أن نحافظَ على كياناتِ سايكس بيكو.

• الرابع هو ربيعُ الأحزابِ الوطنيةِ فالعقائديةِ الذي وَعد الأجيالَ العربيةَ أن يَرتفعَ بها من الانتماءِ العشائريِّ والإقطاعي إلى الحياةِ الحزبية وتكافؤِ الفرصِ والمساواة.

• الخامس هو ربيعُ استقلالِ الشعوبِ العربيةِ الذي كان يُفترضُ به أن يَنقلَ الدولَ العربيةَ تِباعاً من الانتدابِ الأوروبي إلى الاستقلالِ الوطني.

• السادس هو ربيعُ بناءِ الدولةِ المستقلةِ وإرساءِ مؤسساتِها الدستوريةِ والإداريةِ بُغيةَ نقلِ السلُطاتِ من المناطقِ إلى العاصمةِ المركزيةِ وتحديثِ الحياة العامة.

• السابع هو ربيعُ الوَحدة العربيةِ من خلال الاتحاداتِ الثنانيةِ أو الثلاتيةِ أو الرباعية، ومن خلال ميثاقِ جامعةِ الدولِ العربية، وهو بحدِّ ذاتِه مشروعٌ وَحدويّ متدرِّج.

• الثامنُ هو ربيعُ الخليجِ العربيِّ حين نَفرَ النفطُ فحوَّل الصحراءَ القاحلةَ مدينةً زاهرةً والرملَ الأصفرَ ذهباً أسود؛ وأهّـل دولَ الخليج العربيةِ لتكونَ بين الدولِ المؤثّرةِ في القرارِ العالمي.

• التاسع هو ربيعُ التحدي الإسرائيلي الذي أعطى العربَ فرصتين: إما الانتصارُ في الحربِ على إسرائيل لاستعادةِ فلسطين، وإما النجاحُ في التفاوضِ معها من أجلِ سلامٍ عادلٍ لا سلامَ السنتيمترات والمستوطَنات.

• العاشر هو ربيعُ العراق حين قدّمت الدولُ الغربية، بغض النظرِ عن أهدافها، للشعبِ العراقيّ حقَّ تقرير المصير وفرصةَ بناءِ دولةٍ ديمقراطيةٍ موحَّدة.

• الحادي عشر هو ربيعُ لبنان الذي لَمَع سنةَ 1982 بإسقاط التوطينِ والتقسيم، وتَوهّجَ سنةَ 2000 بتحريرِ الجَنوبِ من الاحتلالِ الإسرائيلي، وزها سنةَ 2005 بثورةِ الأرز، وقد أخرَجَت جيشَ الاحتلالِ السوريِّ، من دونِ سلاحٍ، ووَضعت الشعبَ اللبنانيَّ بأسرِه أمامَ امتحانِ إعادة توحيدِ بلادِه.

• أما الربيعُ الثاني عشر، فهو ربيعُ الثوراتِ العربيةِ الحاليةِ الذي شكَّل في بداياتِه ظاهرةً عظيمةً حيث انتفضَت الشعوبُ من بلادِ المغرِب حتى بابِ المندِب مروراً بأرضِ النيلِ وبلادِ الشام وعتابات الخليج؛ فاختلجَ قلبي وامتلأت نفسي غُبطة، وقلت: هذه هي ثوراتي الحبيبة التي بها سُررت.

مسيحيّو الشرقِ صنعوا بعضاً من هذه الربيعات، شاركوا في بعضها الآخر، ولم يُجهِضوا أيَّ ربيع. لم يَقتلوا عَلـيًّـا لكنَّ معاويةَ قتلَهم، لم يَقتلوا معاويةَ لكنَّ العبّـاسَ قتلهم، لم يَقتلوا العبّـاسَ لكنَّ الحاكمَ بأمرِ الله قتلهم. لم يقتلوا الحاكمَ بأمرِ الله لكنَّ عثمانَ قتلهم. ولما قتلوا عثمان، قتلهم أعداؤه. طرح المسيحيون القومياتِ مشاريعَ نهضةٍ فتحوّلت ضِدَّهم. أين هي القومياتُ اليوم؟ القوميةُ العربيةُ صارت إسلاميةً، والإسلاميةُ صارت أصوليةً، والسوريةُ صارت شامـيّـةً، واللبنانيةُ صارت طائفية.

ماذا فعلنا بكل ربيعٍ من هذه الربيعاتِ منذ مئةِ سنةٍ إلى هذه السنة؟ ماذا فعلنا بكلِّ هذه القيمِ والمشاريعِ والأحلامِ والتحديات؟

إن ما قصف الربيعات السابقةَ هو نفسُه يُهدّد الربيعَ العربي الجديد. إنه النظامُ العربي الأمّ. فعبثاً نحاول إسقاطَ الأنظمةِ العربيةِ القائمة، وكلُّها ساقطةٌّ، ما لم يَتغيرْ النظامُ الأمّ. الأنظمةُ البديلةُ هي فروعٌ جديدةٌ تلتحقُ بمنظومةِ النظامِ الأمّ لأنها تَنحدر من ذاتِ المرجِعية العقائدية. ما لم يَتغيّر العقلُ العربيُّ لن يتغيرَ النظامُ العربي. تقوم ثوراتٌ، تَسقط أنظمةٌ، تتغيرُ التسمياتُ، ويبقى الإنسانُ العربي خاضعاً لنظامٍ واحد. إن الأحاديةَ العقائديةَ لا تحترمُ التعدديةَ المجتمعيةَ وإن اعترَفت بوجودِها. وبالتالي لا حريةَ ولا ديمقراطيةَ ولا مساواة.

هذا النظامُ الأمّ يُخيفُ المسيحيَّ المشرِقيَّ والعربيّ أكثرَ مما يُخيفه الاغتيالُ والحربُ والتهجيرُ والقتلُ على الهوية. هذه حوادثُ أَمنـيَّـةٌ، منها ما يَنتهي بإبرامِ حلٍّ سياسيٍّ ومنها ما تَحسُمه العدالة. أما النظامُ الأمّ فهو الغِدَّةُ البنيويّـةُ التي تَفرُز كل القوى التي تفشِّل كلَّ الثوراتِ وكلَّ الأنظمة البديلة. أنا أخاف الفشلَ العربيَّ المزمِنَ وليس الربيعَ العربيّ العابر. وانعكاسُ الفشلِ العربي لا يَقتصِر على المسيحيين فقط، بل يَشمُل المسلمين الباحثين عن إسلامِ الرسالة لا إسلامِ الخلافة.

في الفشلِ العربي لا مكانَ لتجربةِ تـيّـارِ المستقبل في الرهانِ على لبنانَ أولاً، ولا مكانَ لتجربة حزبِ الله في الرهانِ على التحريرِ بالمقاومة، ولا مكانَ لتجربةِ حزبِ الكتائبِ في الرهانِ على الصيغةِ اللبنانية، ولا مكانَ لتيار العَلمانيين في الرهانِ على الفصلِ بين الدينِ والدولة.

في الفشلِ العربي لا مكانَ للتقدميين والشبابِ والنُخب، لا مكانَ للّذين بدأوا الثوراتِ، بمن فيهم الشهيدُ الأول محمد البوعزيزي. بل لا مكانَ لمفتي مِصر ولا لشيخِ الأزهر. ربما كان هناك بعدُ مكانٌ لمفتي السعوديةِ الشيخ آل الشيخ الذي دعا إلى هدمِ الكنائسِ في شبهِ الجزيرةِ العربية.

أرى نفسي في أنظمةٍ وثوراتٍ تعترفُ بالإنسانِ قيمةً مطلَقة، بالمرأةِ قيمةً ذاتية، بالآخَر قيمةً أصيلة، بالحريةِ قيمة عامة، وبالمساواةِ قيمة أساسية. أرى نفسي في ثوراتٍ وأنظمةٍ فيها مساحةٌ للحوار والكلمة، للفرحِ والحياةِ، للثقافةِ والفن، للوجوهِ والعيون. لا أرى نفسي في ثورةٍ يَدور كل شيءٍ فيها حولَ جسدِ المرأةِ عوضَ مستقبلِ المرأة. لا أرى نفسي في ثورةٍ تفرضُ الدينَ مصدرَ التشريعِ بدلَ أن يكونَ الشعبُ هو المصدر. لا أرى نفسي في ثورةٍ تَحِنُّ إلى السلفِ عوضَ أن تحلمَ بالخلَف. لا أرى نفسي في ثورةٍ ترى الآخَر عدواً أو مُشرِكاً عوض أن تراه أخاً وشريكاً.

نحن المسيحيين، نقولها بصراحة، نحتاجُ إلى قرارٍ إسلاميٍّ يعلن نهايةَ زمنِ الفتوحاتِ والدولةِ الإسلاميةِ لكي نؤمنَ حقيقةً بأن الإسلامَ شريكٌ لا حاكم.

يُطـيِّبون خواطرَنا بقولهم: قليلٌ من الصبرِ، فهذه ثوراتٌ لا انقلابات. في البدء، هكذا خُـيِّل لنا. لكن تبيّن أنها انقلاباتٌ لا ثورات. الانقلاباتُ السابقةُ كانت ببلاغ "رقمْ واحد"، أما الانقلاباتُ الجديدةُ فبفتوى رقم واحد.

أعرف أن الثورةَ هي مسيرةٌ طويلة تجتاز عثراتٍ عديدةً قبل أن تستقر. لكنّ مسارَ الثوراتِ العربيةِ، عبر التاريخِ القديم والحديث، يُقلقني لأنه مسارٌ تراجعي يَنظر إلى الماضي لا إلى المستقبل، ولأنه مشروعُ سلطةٍ لا مشروعُ نهضة. ولأنه مشروعُ صراعٍ لا مشروعَ استقرار.

حين حصلَ ربيعُ الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية سنةَ 1989، لم تمضِ سنةٌ حتى استقرّت الدولُ والأنظمةُ والمجتمعاتُ وشَهَرت هويتَها الحضاريةَ والسياسية. لم تَنتقِل هذه الدولُ من أنظمةٍ شيوعيةٍ إلى أنظمةٍ مسيحية، بل إلى جمهورياتٍ عَلمانيةٍ، تعدديةٍ، تحترم حقوقَ الإنسانِ والجماعات. والكنيسةُ التي فجّرت ثوراتِ أوروبا الشرقية، لم تسيطر على الأنظمةِ مع أن شعوبَ تلك الدولِ كلُّها مسيحية. انسحب مُلهِمُ الثوراتِ البابا يوحنا بولس الثاني وبارك العَلمانيين. اكتفت الكنيسةُ بدعوة أوروبا إلى احترامِ قيمِ المسيحيةِ من دونِ السعي إلى فرضِ دساتيرَ مسيحية. أما مسارُ الثوراتِ العربية فمعاكس: العقائديون أطلقوا الثوراتِ العربيةَ السابقةَ فسيطرَ عليها العسكر، واليوم، العَلمانيون يُطلقون الثوراتِ الجديدة فـيُسيطرُ عليها الإسلاميون المتطرّفون.

رغم كلِّ ذلك، واجبُنا أن نَنصرَ الشعوبَ العربيةَ للخروجِ من الظلاميةِ الاجتماعيةِ والاستبدادِ السياسيِ والقمع الأمني. واجبُنا أيضاً أن نحيّدَ الثوراتِ العربيةَ عن صراعِ الشرقِ والغرب ونِزاعات الأديانِ والطوائف والمذاهب.

الواجبُ يفرُض دوراً. لكن دورَ مسيحيّي الشرقِ في تقريرِ مصيرِ العالم العربيِّ لا يَفرض عليهم بالضرورةِ أن يكونوا فريقاً في الصراعِ وإن كانوا طليعيين في خِيار الحرية. الدورُ يَتحدّد حسْبَ نوعيةِ الصراعِ وهدفيتِه وحسْبَ قدرةِ المسيحيين على التأثيرِ الإيجابيِّ من دونِ مردودٍ سلبيٍّ عليهم. ليس الدورُ حتماً انحيازاً. هناك دورٌ في الحِياد، ودورٌ في الحل، ودورٌ في الحوار. هذه أدوارٌ مفيدة لا مواقفَ جامدة. ومن يراجع أدوارَ المسيحيين العرب عبرَ التاريخِ يكتشف أنها كانت إبداعيةً لا انحيازية. كانت تنحو دائماً نحو تخطّي الصراعات. القومية اللبنانيةُ تخطت المتصرفية، القومية السوريةُ تخطت سايكس بيكو، القوميةُ العربيةُ تخطت السلطنةَ العثمانية. الفكرةُ العَلمانيةُ تخطت دورَ الأديان، والميثاقيةُ تخطت الانقسام.

الحِياد، الذي يلتزم به المسيحيون العرب عموماً من الأحداث الجارية، لا يعبِّر عن جُبنٍ أو استقالةٍ من دورٍ تاريخيٍّ في صناعةِ القرارِ العربيِّ والمصيرِ العربي، بل عن حكمةٍ وواقعيةٍ وحرصٍ على الوجودِ الباقي. إن المسيحيين غالباً ما يَسبقون غيرَهم إلى الالتزامِ بالقضايا الكبرى حين يكون الصراعُ بين العربِ وأيِّ عدوٍّ خارجي أياً كان دينُه أو لونُه أو هويتُه. لكن حين يكون الصراعُ بين فريقين عربيين وداخلَ الدولةِ الواحدةِ فإنهم يَعتصمون بالحيادِ الإيجابي. لا نَخجَلنَّ كمسيحيين من حِيادنا، فلا دَينَ علينا لأحد.

كان بودّنا كلبنانيين أن نُقدّمَ تجربةَ لبنان نَموذجاً للثوراتِ العربية والأنظمةِ الجديدة. لكن إسرائيل والأنظمةَ العربيةَ، وبخاصةِ النظامِ السوريّ، لم يتركوا لنا شيئاً سليماً نقدِّمه. زعزعوا وَحدةَ لبنان، قسّموا شعبَ لبنان، ضربوا صيغةَ لبنان، شوّهوا ديمقراطيةَ لبنان، أنهكوا دولةَ لبنان. رنّحوا ميثاقَ لبنان، مسَحوا دستورَ لبنان. واليوم، عوض أن نستفيدَ من انشغالِ الجَلادين بأنفسهِم لننقذَ الضحيةَ اللبنانية، ننوب عنهم ونَجلُدَ أنفسَنا بأنفسِنا. متى يَعي اللبنانيون مآسيهم فيُنقذوا دولتَهم، ومتى يَعي العربُ أخطاءَهم فينقذوا ثوراتِهم؟ إنْ لا مجالَ بعدُ لإنعاشِ الأنظمة، فالفرصةُ متاحةٌ بعد لتعويمِ الثورات. (السفير اللبنانية)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق