سياسيو العراق يتفقون على خلع المالكي ويختلفون حول "الديكتاتور الجديد"




العراق - جرب أن تسأل أيا من زعماء السنة والأكراد بل حتى وبعض الشيعة في العراق هذه الأيام عن رأيهم في رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ولن تجد إلا عبارات حادة لا تخرج عن نطاق كونه دكتاتور ومستبد أو حتى "صدام" جديد في إشارة للرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأنه يجب التصويت ضده لاخراج من السلطة.

وللمرة الثانية منذ رحيل القوات الأميركية عن العراق في ديسمبر كانون الأول يعيش المالكي أزمة مع الكتل الشيعية والسنية والكردية في حكومته والتي تتناحر في خلاف أثار مخاوف من خروجها عن نطاق السياسة إلى عنف طائفي.

ولم يصب المالكي بأذى من العراك الذي لا يهدأ منذ تشكيل الحكومة العراقية قبل 18 شهرا. والآن يريد خصومه اختبار مهاراته إلى ابعد مدى بالتهديد بالتصويت في البرلمان على سحب الثقة من حكومته.

وإذا حدث ذلك فإنه سيكون أخطر تحد منذ أن تولى المالكي السلطة قبل ست سنوات وقد يؤدي إلى انهيار اتفاق هش لاقتسام السلطة. لكن حتى هذه النتيجة غير واضحة فخصوم المالكي يتفقون في الاستياء منه لكنهم يختلفون فيما بينهم في كل ما هو خلاف ذلك وفي مقدمة ذلك من سيخلفه في رئاسة الوزراء.

وفي دولة مثل العراق تكثر فيها الولاءات السياسية المتقلبة فإن بعض خصوم المالكي يتساءلون حتى عما إذا كانوا سيحظون بالدعم اللازم في التصويت أو بالجرأة لتقبل ما يمكن أن يحدث بعده من فوضى. وتمهل هذه الانقسامات المالكي مزيدا من الوقت ليقاتل فيه في الوقت الحالي.
وتحظى الأزمة في العراق بمراقبة حثيثة من دول مجاورة مثل تركيا ودول خليجية مثل قطر والسعودية وإيران وهي دول كثيرا ما لعبت أدوارا في الحياة السياسة المفعمة بالطائفية في العراق بتأييد كتلة أو أخرى.

وقال النائب الكردي المخضرم محمود عثمان "ستكون هناك تعقيدات لان الكتل لم تتحاور مع بعضها البعض. كل واحد يستخدم الكارتات (البطاقات) التي يملكها ضد الاخر لذلك سيطرح الطلب (سحب الثقة) في أجواء من العدائية ولن يكون سهلا".

وساعد رحيل آخر جندي أميركي عن العراق في ديسمبر في رفع الغطاء عن الانقسامات العميقة في الحكومة العراقية التي تضم طوائف مختلفة والتي استغرق تشكيلها قرابة عام من الجدال في اجتماعات مغلقة بعد انتخابات عام 2010.

وعاش المالكي أزمة هددت بإسقاط حكومته بعدما سعت محكمة لاعتقال طارق الهاشمي النائب السني للرئيس العراقي كما طلب من النواب التصويت على إقالة صالح المطلك النائب السني لرئيس الوزراء والذي وصف المالكي بأنه دكتاتور.

وارتفعت موجة الانتقادات الموجهة للمالكي منذ ذلك الحين.

فمن ناحية تحشد كتلة العراقية التي ينتمي إليها الهاشمي ويدعمها السنة والتي تعاني هي نفسها من انقسامات تأييد كتل أخرى لخطوة سحب الثقة من حكومة المالكي الذي تصفه بأنه أصبح مستبدا بشكل متزايد.

وتختبر المنطقة الكردية التي تتمتع بالحكم الذاتي صمود المالكي عن طريق قرارها وقف صادراتها من النفط والتلويح بانفصال كامل عن بغداد بعدما اتهمت المالكي بأنه يستأثر بالسلطة على حساب الاقليات الكردية والسنية في العراق.

وحتى في داخل التحالف الشيعي يتعرض المالكي لانتقادات من مقتدى الصدر رجل الدين الذي ساعد على انتخاب المالكي لفترة أخرى في عام 2010 . وبدأت الحركة الصدرية التي يتزعمها في اللعب خارج التحالف الشيعي ودعت المالكي لترك السلطة.

ويعتقد العديد من العراقيين السنة والاكراد أن المالكي يعزز من موقفه بعدما لم يف باتفاقات لاقتسام السلطة خاصة عن طريق تعزيز سلطته على وزارتي الدفاع والداخلية المهمتين.

لكن تشكيل تحالف يدوم في مواجهة المالكي يبدو صعبا. وتنقسم كتلة العراقية التي تقود التحرك الذي يهدف لسحب الثقة عن حكومة المالكي إلى سبع جماعات على الاقل ومن بينها جماعة منشقة تضم 26 نائبا يعارضون حملة التصويت ضد المالكي.

وتنقسم الكتل الكردية أيضا بين أنصار الرئيس العراقي جلال الطالباني وهو كردي حث على المصالحة ورئيس كردستان العراق مسعود البرزاني الذي يبدو خلافه مع المالكي في بعض الاحيان كمعركة شخصية.

وقال دبلوماسي "مشكلة معارضي المالكي أنهم معارضون له شخصيا ولانهم لا يستطيعون تقديم أي شيء أكثر إيجابية فإن الاغلبية وأولئك الذين لم يتخذوا قرارهم بعد عالقون".

وأظهر المالكي الذي ترقى في صفوف حزب الدعوة الاسلامية الشيعي من متحدث إلى نائب في البرلمان والذي فر للمنفى أيام حكم صدام في صورة السياسي الذي يصمد أمام فصائل متناحرة تحاول التكتل ضده.

وقد تكون المناورات مجرد تظاهر بينما تسعى الكتل السياسية لترسيخ مواقفها قبل انتخابات محلية تجرى نهاية هذا العام وانتخابات تشريعية تجرى في عام 2014 .

ومازالت حسابات إقرار التصويت بسحب الثقة عبر البرلمان تبدو معقدة.

فبموجب الدستور يمكن للرئيس الدعوة للتصويت على سحب الثقة ويتطلب التصويت 164 صوتا من بين 325 صوتا في البرلمان لاقراره.

ويقول الصديرون إنهم جمعوا توقيعات أكثر من 176 نائبا للضغط على الطالباني لبدء الاجراءات. لكن بعض أنصار المالكي يرون أن حصول معارضي المالكي على توقيع نواب العراقية الذين يملكون 50 صوتا بالاضافة إلى أصوات نحو 39 صدريا ونصف مقاعد الاكراد البالغ عددها 57 مقعدا لا يكفي لسحب الثقة عن حكومة المالكي.

ويفحص مكتب الطالباني صحة التوقيعات التي يقول معارضو المالكي إنهم جمعوها للدفع قدما بالتصويت. لكن وفي إشارة إلى التحديات القانونية الصعبة التي سيواجهونها يزعم المالكي أن هناك توقيعات مزورة من بينها.

وإذا تمكن معارضو المالكي من إقناع الطالباني بالدعوة للتصويت سيكون الانتقال من مرحلة التوقيعات غير الملزمة إلى تصويت حقيقي يحظى بنصاب قانوني في البرلمان اكثر صعوبة.

وقال ريدار فيسر وهو رئيس تحرير موقع عراقي على شبكة الانترنت "استنادا إلى متوسط الحضور الضئيل في البرلمان العراقي فمن الصعب رؤية كيف يمكن للتشكيل السياسي الحالي أن يترجم إلى أكثر من 150 إلى 160 صوتا ضد المالكي في البرلمان".

وعلى الرغم من خلاف الأحزاب بشأن التصويت فإن إيران التي ساعدت على حشد الأحزاب الشيعية وراء المالكي في الماضي ربما تكون أكثر حرصا على الوضع القائم حاليا خاصة مع عدم ظهور نهاية يمكن توقعها للانتفاضة في سوريا أكبر حليف عربي لطهران.

وزار مسؤولون إيرانيون الطالباني للدفع باتجاه المصالحة وقال نواب شيعيون كبار على علم بأساليب إيران إن الصدر توجه يوم الخميس إلى إيران التي ستحثه على وقف حملته ضد المالكي.

وبالنسبة للنواب الاكراد فإن موقفهم معقد أيضا بسبب النزاع على النفط والارض بين الحكومة العراقية المركزية المكونة من العرب وكردستان العراق فعليهم أن يوازنوا بين الانضمام إلى العرب وبين الحصول على مكاسب محتملة في مناطق متنازع عليها.

وأثارت الاسماء المرشحة من التحالف الوطني لتولي رئاسة الوزراء العراقية خلفا للمالكي انقساما ايضا. ومن بين تلك الاسماء رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري الذي يرى كثيرون من السنة أنه طائفي والذي يواجه انتقادات من الولايات المتحدة وعادل عبد المهدي النائب السابق للرئيس العراقي والذي لا يحظى بدعم من الخارج.

وينص الدستور العراقي على أنه إذا ما خسر المالكي التصويت على سحب الثقة فإن حكومة تصريف أعمال ستشكل مما يؤذن بمفاوضات تشوبها الفوضى حول حكومة جديدة وهو سيناريو يجعل بعض كبار مسؤولي كتلة العراقية لا يستسيغون فكرة التصويت.

وقال قيادي بارز في كتلة العراقية "لا أحد سيربح إذا مضينا قدما في هذا الموضوع سندخل في دوامة وسنكون تحت رحمة حكومة تصريف أعمال. الكل سيخسر".(رويترز)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق