هل يتحقق حلم الزرقاوي في سوريا؟


لندن - أعلن قائد جبهة النصرة في سوريا ولاءه لزعيم القاعدة أيمن الظواهري. وجاء التصريح بعد يوم واحد فقط من نشر «الدولة الإسلامية في العراق» (وتعرف أيضا تحت اسم القاعدة في العراق) رسالة صوتية معلنة عن توسيع «دولتها الإسلامية» لتضم الشام ومعلنة بذلك عن العلاقة بين التنظيمين.



يرى الكثير من المعلقين الإعلاميين أن ذلك يعد علامة فارقة، في حين أن ملاحظين آخرين يرون أن التنظيمين كانا دائما تنظيما واحدا

الولاء للقاعدة

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في شهر ديسمبر- كانون الأول الماضي جبهة النصرة تنظيما إرهابيا وأدرجتها في القائمة السوداء بسبب ارتباطاتها بتنظيم القاعدة في العراق. ولفتت هذه المجموعة أنظار المجتمع الدولي بعد تنفيذها لسلسلة من الهجمات الانتحارية ضد أهداف حكومية داخل دمشق، وحازت على اهتمام واسع داخل سوريا وخارجها لأنها تتشابك مع قوات نظامية بصفة مباشرة عبر القيام بكمائن تستعمل فيها أسلحة صغيرة وهجمات على مواقع عسكرية منعزلة. ويقود تنظيم جبهة النصرة أنجح الهجمات على الميدان في الوقت الذي يدخل فيه الصراع السوري عامه الثالث.

تعود أهمية إعلان جبهة النصرة الولاء للقاعدة إلى كونها شهادة على قيمة المجموعة واكتساب الثقة التي تتبجح بها داخل سوريا.

 وإلى حد الآن تفادى هذا التنظيم التعبير عن مثل هذه الولاءات بهدف توسيع قاعدة مساندته داخل سوريا وضمان استدامة التعاون من مجموعات متمردة أخرى تحمل تلوينات أيديولوجية مختلفة.

ملء الفراغ

يعزى صعود جبهة النصرة إلى ضعف أداء المعارضة السورية، وبالتحديد غياب التنظيم والخلافات الداخلية وغياب الشرعية داخل سوريا. أدى ذلك إلى تمكن حركات أكثر تنظيما من الهيمنة على الفراغ الحاصل وأخذ موقع القوة العسكرية المهيمنة.

وتقول بعض التقارير أيضا إن جبهة النصرة شرعت في توفير الخدمات الأساسية للسكان في المناطق التي سيطرت عليها داخل سوريا.

وكسبت هذه المجموعة الدعم والشرعية لدى الشعب السوري أولا بفضل هجماتها الشجاعة، وثانيا بسبب انتماءاتها الإسلامية التي تجعلها مجموعة معارضة «أكثر نقاء» لدى السكان السوريين الأكثر تشددا. وأخيرا، كسبت جبهة النصرة السيطرة لأن المجموعة المعارضة الأساسية –التحالف السوري الموحد- تتهكم عليها بسبب ارتباطها بالمصالح الخارجية، ووضع المصالح الشخصية في مقدمة الأهداف الأشمل للثورة.

وبالنسبة إلى المجاهدين السابقين، جبهة النصرة هي كذلك تنظيم متكتم ونخبوي مما يجعله جذابا للسوريين الذين يرغبون في أداء دورهم في الثورة، لكن في إطار تنظيم يحظى بالاحترام ويوفر الهيبة والتدريب العسكري الجيد. وحسب هذه المصادر نفسها تضم المجموعة بين خمسة آلاف وعشرة آلاف مقاتل، لكنْ لديها مقاتلون إضافيون يعدون بالآلاف ويعرفون بالمقاتلين «التابعين»، ما زالوا لم يصبحوا مقاتلين أو أعضاء رسميين في جبهة النصرة.العلاقة بين جبهة النصرة والقاعدة في العراق علاقة منطقية ويجب ألا تكون مفاجئة، فالنصرة تتكون من مقاتلين شاركوا في الحملة ضد القوات الأميركية في العراق في الفترة ما بعد 2003، وهم جهاديون عبروا الحدود من سوريا إلى العراق لارتكاب فظائع ضد أهداف أميركية وعراقية.

إن أغلب المقاتلين المنتمين لتنظيم القاعدة في العراق هم جهاديون أجانب قدموا من البلدان المجاورة وخاصة سوريا، وحتى زعيم جبهة النصرة نفسه الجولاني، اعترف بأنه كان قد حارب في العراق إلى جانب القاعدة.  وما زالت القاعدة في العراق تشكل تهديدا للجهاز الأمني العراقي، وبعد مضي عشر سنوات يردّ هذا التنظيم الجميل حيث يسخر الرجال والموارد للمعركة ضد قوات الأسد. لقد أمّنت جبهة النصرة، مثل بقية المجموعات المتمردة السورية الأخرى، المجندين الجدد والمؤن من العراق في المدن الشمالية الغربية ذات الأغلبية السنية على الحدود السورية حيث يواصل السنة العراقيون احتجاجاتهم للشهر الرابع على التوالي ضد التمييز المزعوم الذي تمارسه الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية.

 كما كشفت مصادر عراقية أن جبهة النصرة عملت خلال الأشهر الثلاثة الماضية على تأمين خطوط الإمدادات لدعم موقعها.

وبذلك يكون مقاتلو جبهة النصرة مقاتلين متمرسين في ميدان القتال جاؤوا إلى سوريا بالتكتيكات والخبرة التي مكنتهم من إطلاق أكبر المجازر الإرهابية ضد القوات الأميركية والمدنيين العراقيين. ومثلما هو الحال في ليبيا ما بعد القذافي، حيث تواصل المليشيات الإسلامية بسط سيطرتها بدعم خليجي، يُنتظر أن تلعب مجموعات مقاتلة مثل جبهة النصرة دورا قياديا في سوريا ما بعد الأسد. وكما هو الحال بالنسبة إلى المجموعات الإسلامية الليبية، تتلقى النصرة تمويلها من تبرعات خاصة من الخليج.

كل ذلك يجعل من احتمال التدخل الغربي في سوريا ضعيفا.

الخيارات المطروحة مستقبلا

لا توجد خيارات كثيرة فيما يخص السياسات الجيدة التي يجب اتباعها، إذ أن ضخّ المزيد من الأسلحة داخل سوريا يمكن أن يزيد من زعزعة استقرار البيئة الأمنية، وهو أمر سبق أن تم اختباره. على الغرب بدل ذلك أن يواصل بناء القدرة التقنية والتنظيمية للمجلس الوطني السوري، وربما ينتظم بيت هذا المجلس بطرق شبيهة بالمعارضة الليبية التي ناضلت هي الأخرى من أجل تنظيم نفسها في شكل قوة قتالية فعالة ويمكن الاعتماد عليها خلال المراحل الأولى لتكوّن الانتفاضة الليبية.

والشيء الذي يجب ألا ينساه الغرب هو أن أقوى أعداء جبهة النصرة يوجدون داخل سوريا نفسها.

جبهة النصرة بالشام

جبهة النصرة هي أحد فروع تنظيم القاعدة في العراق وهي مدرجة ضمن القائمة العالمية للمنظمات الإرهابية. تنشط عمليا في العديد من الأحياء والمدن سواء بمفردها أو بالاشتراك مع جماعات مقاتلة أخرى في مدينة حلب وريفها ومحافظة الرقة وأدلب ودير الزور وفي ريف دمشق ومحافظة درعا جنوبي البلاد.

وتتبنى الجماعة فكرة تأسيس «الدولة الإسلامية في العراق والشام» التي تبناها زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي منذ تأسيسه معسكر هيرات في أفغانستان بداية الألفية.

وهذا الاندماج بين جبهة النصرة لأهل الشام في سوريا وتنظيم القاعدة في العراق يمدد المنطقة المعروفة بالـ«مثلث السني» في العراق لتصل إلى المنطقة الشرقية من سوريا، مما يحقق حزاما جغرافياً يمنح ثقلا ديمغرافيا للسنة في العراق.

كما أن هذا الإعلان يعبر عن توسع المساحات الجغرافية التي ينشط فيها الجهاديون بين العراق وسوريا.(العرب اللندنية)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق