القرضاوي وآراؤه المتناقضة.. أما آن لـ"المفتي بأمر الدوحة" أن يستريح؟




باريس - تثير فتاوى الداعية المصري القطري يوسف القرضاوي المتعاقبة حالة من الاستغراب في الشارع الإسلامي، فيما يتصاعد الجدل في الأوساط الشرعية حول سلامة الشيخ الذي تجاوز الخامسة والثمانين من عمره العقلية.

وأصدر القرضاوي مؤخراً سلسلة من الفتاوى السياسية والاجتماعية الشاذة كانت آخرها فتوى بوجوب المشاركة في الانتخابات الرئاسية المصرية، وسبقتها بأيام قليلة فتوى أخرى بتحريم التصويت "لفلول مبارك" في الانتخابات نفسها.

ونشر موقعه الرسمي الثلاثاء بياناً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه القرضاوي باعتبار المشاركة في الانتخابات "شهادة واجبة" يأثم كاتمها.

وكان القرضاوي صرح لبرنامج الشريعة والحياة الذي تبثه قناة الجزيرة القطرية بتحريم التصويت لكل مشارك من الحزب الحاكم السابق في مصر في الانتخابات الرئاسية، ومجدداً الدعوة إلى انتخاب المرشح المنشق عن جماعة الاخوان المسلمين عبدالمنعم أبوالفتوح، ليخذل بذلك الجماعة التي رشحت محمد مرسي.

تخبط الإسلام السياسي

ويرى مراقبون أن تخبط الداعية المصري القطري في فتاواه السياسية الأخيرة تعكس حالة التخبط التي أصبحت تعيشها أحزاب الإسلام السياسي، سيما وأنه يعد "الأب الروحي" لجماعة الإخوان المسلمين.

ويتساءل المراقبون حول مدى اتساق تنظيرات القرضاوي وتأصيلاته بشأن اعتبار الديمقراطية أصلاً من أصول الإسلام، وبين تحريمه التصويت لمخالفي اتجاهه الإيديولوجي.

كما يتساءلون حول ازدواجيته الصارخة بادعاء تأييده لجماعة الإخوان المسلمين فيما يروج للمنشقين عنها ويدعو إلى انتخابهم.

وبات القرضاوي يتدخل في الكثير من تفاصيل المشهد السياسي العربي من المحيط إلى الخليج، إلى الحد الذي دفع المراقبين إلى عده "المظلة الدينية" التي تحاول قطر الاحتماء بها لتمرير تدخلاتها في شؤون الدول العربية.

فمن فتاواه المتعلقة بالثورات في ليبيا ومصر وتونس واليمن وسوريا والبحرين، إلى محاكمة الهاشمي في العراق، مروراً بالدعوة إلى القلاقل في دول الخليج لم يكد "مفتي الناتو" كما يحلو لمناوئيه أن يسموه يترك شاردة ولا واردة إلا وأدلى بدلوه فيها.

سر الشهرة

ولا يحظى القرضاوي باحترام في الأوساط الشرعية الإسلامية، وتعرض لانتقادات حادة من علماء مسلمين على مدى عقود من الزمن وصلت إلى حد التشكيك في أهليته العلمية.

ويعزى الفضل في شهرة القرضاوي إلى التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، وآلته الإعلامية الضخمة.

كما جعل برنامج "الشريعة والحياة" من القرضاوي، نجماً ‏عالمياً على قناة "الجزيرة" القطرية.

وكان القرضاوي قام مؤخراً بأول زيارة إلى تونس وسط احتجاجات شعبية على الزيارة.

ودعا المفكر والفيلسوف التونسي يوسف الصديق الداعية المصري-القطري إلى مناظرته تلفزيونياً، قائلاً لجريدة "التونسية" الإلكترونية "لا مشكل لي في أن يزور القرضاوي بلادي ولكني لا أوافقه في نمط فهمه للإسلام ولا أتفق معه في أفكاره التي أراها هدامة ومثيرة للفتنة والفرقة".

إسقاط الأنظمة الخليجية

ونشرت صحيفة "ذي ناشيونال" في أبوظبي مؤخراً مقالا للباحث في كلية الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية التابعة لجامعة كامبريدج، أحمد جميل عزم، يتهم فيه القرضاوي بالعمل وفق الأجندة القطرية.

وقال عزم "لقد أصبح التحالف بين الأخوان المسلمين وقطر عاملا هاما في إعادة تشكيل الشرق الأوسط".

وأشار الكاتب إلى أن "جماعة الإخوان المسلمين قليلاً ما تتدخل في الشؤون الداخلية القطرية، وهو ترتيب ‏يشبه ذلك القائم بين قطر وقناة الجزيرة القطرية التي تغطي الأخبار في كافة أنحاء العالم العربي لكنها تمتنع عن تغطية الأحداث المثيرة للجدل ‏في قطر".‏

وأضاف الكاتب أن من بين العوامل التي تساعد على فهم التحالف بين قطر والإخوان المسلمين هو ما ستجنيه الدوحة إذ "تضمن هذه العلاقة عدم انتقاد الإسلاميين للسياسات الحكومية القطرية أو ممارسة نشاطهم هناك" إضافة إلى أن "وصول الإسلاميين إلى السلطة في العديد من البلدان يضع القطريين في موقع جيد ‏للحصول على معاملة اقتصادية وسياسية خاصة في هذه الدول".

كما يترأس صهر القرضاوي، هشام مرسي، "أكاديمية التغيير"، ومقرها الدوحة، والتي تسعى جاهدة لإسقاط الأنظمة الخليجية، على رأسها النظام السعودي، بالتنسيق مع "ملتقى النهضة" الشبابي الذي أقيمت دورته الأولى سنة 2010 في البحرين والثانية في 2011 في قطر، قبل أن تلغى دورته الثالثة في الكويت. وكان لمرسي دور نشيط في الثورة المصرية.

وكان القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، قد هدد في مارس الماضي بملاحقة القرضاوي بعد أن انتقد الأخير في برنامج "الشريعة والحياة" قرار الإمارات العربية المتحدة بترحيل سوريين شاركوا في مظاهرة خارج مقر قنصلية بلادهم في دبي. واتهم خلفان الداعية المصري-القطري بأنه "بدأ يحزب الناس ويؤسس لمشروع يهدف إلى إحداث بلبلة" في البلاد.

البيدق

ولا تختلف وسائل الإعلام الغربية كثيراً عما تزخر به مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات رواد عرب عن "الانزلاقات القرضاوية".

وآخر ما نشر الاثنين في صحيفة لوموند الفرنسية، مقال لبنجامين بارت بعنوان "يوسف القرضاوي، الواجهة التلفزيونية للإخوان المسلمين".

ويقول الكاتب بأن "القرضاوي، المفتي العالمي، أصبح يمنح ومن منبره الإعلامي ـ في برنامجه التلفزيوني '‏الشريعة والحياة'‏ الذي يتابعه الملايين من المسلمين ‏عبر العالم ـ دعماً انتقائيا للثورات العربية، بشكل يتفق مع دبلوماسية قطر، والتي ‏أصبح يشكل بيدقاً لها".(ميدل إيست أونلاين)

شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق