بين اضطرابات سوريا وعزوف الخليجيين.. سياحة لبنان غير متفائلة بالمستقبل




بيروت - في شارع الحمرا بوسط مدينة بيروت كان سمير دقوم (32 سنة) يمنّي نفسه بتحقيق فائض ربح من موسم السياحة المرتقب، لتعويض جزء من خسارته التي تكبدها من موسم العام الفائت بسبب الأزمة السورية.

لم يتوقع دقوم، صاحب محل الوجبات السريعة والعصائر الطازجة، في أسوأ الأحوال أن يتكرر سيناريو خسارة العام المنصرم، لذا فقد تلقى تحذير بعض الدول الخليجية رعاياها قبل أيام من السفر إلى لبنان بصدمة كبيرة، "هذا يعني بالنسبة لي كارثة حقيقية ستكبدني خسائر ستبقى تلاحقني لسنوات متتالية"، على حد تعبيره.

ويعول لبنان بصورة كبيرة جدا على السياح الخليجيين في تحصيل عائدات تشكل أحد الموارد الرئيسة للخزينة، وسط شح كبير تعانيه الدولة في الموارد وارتفاع مطرد في حجم الدين الخارجي البالغ 54 مليار دولار حتى أوائل عام 2012.

تراجع كبير

ولا يخفي الرسميون في لبنان، ومن قبلهم أرباب صناعة السياحة من القطاع الخاص، خشيتهم الشديدة من تكرار نسب وأرقام العام الماضي الذي سجل تراجعا كبيرا بنسبة 24% عن موسم 2010، في الوقت الذي سجل فيه لبنان النسبة السادسة الأعلى عالميا من حيث تراجع عدد السياح في 2011.

وتشير أرقام منظمة السياحة العالمية إلى أن عائدات السياحة في لبنان بلغت ثمانية مليارات دولار عام 2010، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 18.3% عن 2009، مما شكّل حينها سادس أعلى نمو سياحي في العالم العربي، والأعلى في تاريخ السياحة بالبلاد.

ويصف بول العريس رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي آثار قرار بلدان الخليج تحذير رعاياها من القدوم إلى لبنان بـ"المأساوي" على مستقبل موسم السياحة القادم، مشيرا إلى أنه سيطال السائح والمستثمر الخليجي إلى جانب العائلات اللبنانية المقيمة هناك على حد سواء.

وقال العريس -للجزيرة نت- إن نسبة تراجع قطاع المطاعم لهذا العام خلال الشهور الأربعة الأولى بلغت حتى الآن 35% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، متوقعا تراجعا أكثر خلال الشهور القادمة بعد القرار الأخير.

وزاد بالقول "وضع المطاعم والمقاهي اليوم أقل ما يقال فيه بأنه مأساوي وسيئ للغاية، بفعل الأوضاع الأمنية السائدة وغياب الحركة السياحية المتأثرة به طبعا".

إلغاء حجوزات

من جهة أخرى، أقر نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر بحدوث إلغاءات على حجوزات الفنادق بسبب القرار الأخير من دول خليجية، الناجم عن الأحداث الأمنية الأخيرة.

لكن الأشقر قلل في الوقت ذاته من حجم الخسائر المسجلة بالقول إن نسبة الإلغاءات لم تتجاوز 25%، لافتا في تصريحات صحفية إلى أن الموسم السياحي لم يبدأ بعد، وأن السياح العرب لم يقرروا بعد وجهتهم السياحية المقبلة.

وشدد على أن الموقف السعودي حيال وجهة السياح السعوديين للبنان ستبقي كفة الموسم راجحة، مبدياً خشيته من انضمام السعودية للقرار الخليجي وهو ما يعني بحسب الأشقر حال وقوعه انهيارا لآمال القطاعات السياحية.

ولم يختلف الأمر كثيرا عند مكاتب حجوزات السفر، حيث أكدت مكاتب أن نسبة إلغاء الحجوزات وصلت لغاية الآن إلى 25%، فيما التوقعات تشير إلى نسبة إلغاء متتالية مع كل يوم تستمر فيه حالة التوتر الأمنية والسياسية في البلاد.

السعودية أولا

وقدرت أرقام رسمية صادرة عن وزارة السياحة نسبة سياح دول الكويت وقطر والبحرين والإمارات بأنها تمثل أقل من 10% من عدد السياح الذين يمضون عطلة الصيف في لبنان، فيما يشكل السعوديون النسبة الأكبر وهي التي يعول عليها القطاع السياحي بالدرجة الأولى.

ويرى الاقتصادي كامل وزنة أن القرار الخليجي الأخير أضر بشدة بسوق السياحة في لبنان، مقدرا حجم العائدات المالية للقطاع السياحي للخزينة بحوالي خمسة إلى ستة مليارات دولار سنويا.

وقال وزنة إن غالبية السائحين السعوديين القادمين إلى لبنان من أصحاب الطبقة المتوسطة، حيث تنتقل إلى لبنان برا عبر سوريا بشكل أساسي، وهو ما سيكبد القطاع السياحي خسارة في الموسم الحالي بنحو خمسمائة مليون دولار تقريبا.

وبخصوص وجود بديل عن حجم السياح الخليجيين الذي ستفقده لبنان، قال وزنة "لا يمكننا الحديث عن بديل يغطي كلفة الخسارة المتوقعة، فعدد السياح الأجانب مثلا يعد ضئيلا جدا ولا يمكن الحديث عن إمكانية تعبئته لسد فراغ السياح الخليجيين".

أرقام الوزير

وكان وزير السياحة اللبناني فادي عبود كشف في منتدى الاقتصاد والأعمال العربي الذي عقد مؤخرا في بيروت، عن تكبد قطاع السياحة البرية القادمة من سوريا إلى لبنان خسارة صافية بلغت نسبتها 90%.

أرقام الوزير تحدثت عن خسارة لبنان لما يتراوح بين 350 إلى 400 ألف سائح كانوا يفِدون إليه عبر سوريا من كل من الأردن والعراق وإيران، متوقعا خسارة أكبر إذا تردت أوضاع الأمن والاستقرار في البلاد.

وكان لافتا خلال ورقة وزير السياحة التي قدمها في المؤتمر المذكور إسهابه في الحديث عن خسارة لبنان للسائح الأردني تحديدا، إذ أشار إلى أن نسبة قدوم الأردنيين تراجعت من 150 ألف سائح سنويا إلى أقل من عشرة آلاف بسبب الأزمة السورية.

توقعات دولية

يشار إلى أن توقعات أرقام المجلس العالمي للسياحة والسفر أشارت بداية العام إلى أن قطاع السياحة في لبنان سيساهم في ازدهار اقتصاد البلد بنحو أربعة مليارات وثلاثمائة مليون دولار في عام 2012، أي نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

وورد في دراسة للمجلس المذكور أن عدد العاملين بشكل مباشر في القطاع السياحي سيبلغ 129 ألفا و500 فرد، أي 9.5% من إجمالي القوة العاملة في لبنان هذا العام، كما سيسهم القطاع في النمو الاقتصادي بـ4.5%، وفي زيادة حجم التوظيف بـ3%.(الجزيرة نت)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق