دمشق - تأتي
مجزرة الحولة لتسدل الستار على "مسرحية" المراقبين الدوليين الشاهد الصامت
على العنف المستمر في سوريا من قبل النظام والمعارضة.
فبعد مرور
أكثر من شهر على وصول المراقبين الدوليين إلى الأراضي السورية، تشير تقارير دولية
إلى أن الصراع في سوريا يتجه بشكل متزايد إلى العسكرة وليس التهدئة.
واعلن
المرصد السوري لحقوق الانسان السبت ان حصيلة ضحايا المجزرة في مدينة الحولة
السورية ارتفعت الى 114 قتيلا بينهم 32 طفلا بعدما تم تسليم المزيد من جثامين
الضحايا.
واكتفى المراقبون
بإدانة "المأساة الوحشية" بعد أن وصلوا متأخرين إلى موقع الجريمة،
مؤكدين أن النظام استخدم دباباته في قصف المدينة.
وبقيت
الموافقة على خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية المشترك الخاص إلى سوريا
كوفي عنان لوقف إطلاق النار، والتي بدأ تنفيذها في أبريل/ نيسان الماضي، مجرد حبر
على ورق، فالقوات الحكومية ومقاتلو المعارضة السورية متورطون في أعمال تعذيب وقتل.
كما تتوارد
كل يوم تقارير جديدة عن تفجيرات وإطلاق النار وهجمات، في الوقت الذي تتزايد فيه
أعداد المعارضين، الذين يسلحون أنفسهم. التصعيد العسكري المتواصل للأزمة السورية
وصفته إحدى لجان التحقيق التابعة للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بـ"العسكرة
المتزايدة" للصراع على الأراضي السورية.
وجاء هذا
التطور متناقضاً مع تصريحات رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة إلى سوريا، والتي
اتسمت بالتفاؤل حتى منتصف شهر مايو/ أيار. آنذاك تحدث الجنرال روبرت مود عن "تهدئة
فورية للوضع" بعد وصول المراقبين.
واليوم وصل
عدد المراقبين الدوليين على الأراضي السورية إلى نحو 260، ومن المنتظر زيادة عددهم
إلى 300. كما تنوي ألمانيا المشاركة بما يصل إلى عشرة مراقبين في البعثة.
وتعمل بعثة
المراقبين غير المسلحة على مراقبة تنفيذ الخطة المؤلفة من ست نقاط، التي اقترحها
عنان.
وتنص الخطة
على بدء حوار سياسي وتسهيل دخول المنظمات الإنسانية وإطلاق سراح السجناء السياسيين
وضمان حرية الحركة للصحفيين وحرية التجمع والتظاهر.
لكن النظام السوري لم يلتزم بأي من هذه النقاط
حتى الآن، كما تقول كورينا هاوسفيديل، الباحثة في شؤون السلام بالمركز الدولي
لبحوث التحولات في مجال السلام والتنمية بمدينة بون الألمانية.
ويبدو أن
الرئيس السوري بشار الأسد يحاول تحقيق مكاسب تمكنه من الفوز عن طريق اللعب بورقة
الوقت قبل كل شيء، إذ ساهمت موافقة الأسد على خطة عنان في تخفيف الضغوط الدولية
على نظامه. لكن إنهاء الصراع لن يتم إلا بتنحي الأسد أو على الأقل بمنح المعارضة
جزء من السلطة، وهما أمران مستبعدان، كما تقول هاوسفيديل، إذ إن "هذا الأمر
ليس على جدول أعمال النظام بالتأكيد"، وبدلاً من ذلك، فإن قوات الأسد تعمل
على سحق المعارضة.
ويشكك رولف
موتسينيش، المتحدث باسم السياسة الخارجية في الكتلة النيابية للحزب الاشتراكي
الديمقراطي في البرلمان الألماني، برغبة الأسد في الوصول إلى حل وسط، ولذا يعتقد بوجوب ممارسة
المزيد الضغط.
ويضيف
"آمل أن يحاول مجلس الأمن الدولي من خلال قرار التأثير على النظام". لكن
المجلس الأممي منقسم على نفسه، إذ دعمت الصين وروسيا مراراً وتكراراً نظام الأسد
في الأشهر الأخيرة، واستخدمتا حق النقض (الفيتو) لمنع اتخاذ إجراءات أشد حزماً ضد
النظام السوري.
وفي ظل
الوضع المعقد لموازين القوى في مجلس الأمن الدولي، دعا بعض المعارضين السوريين إلى
تدخل عسكري من دون موافقة المجلس، وهو حل يرفضه موتسينيش، ذلك أن "الأعمال
المنفردة، التي تنفذ دون الحصول على شرعية بموجب القانون الدولي، لن تحل الوضع بأي
شكل من الأشكال"، وهي وجهة نظر تشاطرها الحكومة الألمانية. وعلى أي حال فإنه
لا يوجد حالياً أي استعداد دولي يذكر للتورط في عمل عسكري في سوريا.
وترفض
الباحثة في شؤون السلام كورينا هاوسفيديل أيضاً تزويد المعارضة بأية أسلحة، مضيفة
أن ذلك "سيكون بمثابة سياسة انتحارية تعيق التوصل إلى تسوية سلمية". لكن
دولاً خليجية مثل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة بدأت بالفعل في دعم
المعارضة مالياً، ومن المفترض أن تذهب الأموال المتدفقة لدفع رواتب المتمردين، لكن
من غير المستبعد أن تستخدم هذه الأموال لشراء الأسلحة أيضاً.
ورغم كل
هذه المؤشرات التي تبعث على التشاؤم، فإن هاوسفيديل ترى أنه من السابق لأوانه
التخلي عن خطة عنان، إذ "لا يوجد حالياً أي خيار آخر قابل للتطبيق".
ويشدد رولف
موتسينيش على أن يكون المرء واقعياً، موضحاً أنها "الخطة الوحيدة التي
استطاعت دول المجتمع الدولي بمساعدتها التقدم سوياً إلى الأمام. يتعين علينا للأسف
التعايش مع ما هو ممكن على الساحة الدولية. وعلى أية حال فقد تحسنت الأوضاع في
المناطق التي يتواجد فيها مراقبو الأمم المتحدة وعلينا أن ننتظر كيف يتطور الوضع،
عندما يكتمل قوام البعثة ويصل إلى 300 مراقب".
أما رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا،
الجنرال روبرت مود، فيرى أن فشل البعثة ونجاحها يبقى في أيدي السوريين، معتبراً
أنه "إذا كانت أطراف الصراع غير راغبة في إعطاء الحوار أي فرصة حقيقية، فلن
يستطيع المراقبون، مهما كان عددهم، إنهاء العنف بشكل دائم".(مصادر متعددة)
0 التعليقات :
إرسال تعليق