هل يسحب "واتس آب" البساط من تحت فيسبوك؟


باريس ـ يبدو أن شبكات التواصل الاجتماعي كفيسبوك تبدأ بفقدان أهميتها لدى عدد متصاعد من الشباب (باستثناء موقعي تويتر واينستاغرام اللذين ما يزالان يحتفظان بعدد من الرواد مع أن مشاعر الحب التي يبديها هؤلاء للموقعين قد تقلصت)، وفقا لسبر آراء سنوي استطلعت فيه مؤسسة "بايبر جافراي" آراء 5 آلاف مراهق أميركي.


ويرجع الاستطلاع الذي نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية هجرة الشباب للمواقع الاجتماعية التقليدية إلى حالة من النفور العام والقلق من كثرة تقاسم المعطيات مع الأصدقاء، والقلق من احتمال ترك آثار هنا او هناك، والقلق من كثرة الرقابة المشددة من الآباء.

ويقول الخبير في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي بينوا دارسي إن هؤلاء الشباب قد عثروا بسرعة على ضالتهم المنشودة في خدمة تواصل تخرجهم من روتين المواقع التقليدية، في تطبيقات "الإرساليات الآنية" مثل (كيك، kik) بـ30 مليون مستخدم، و(واتس آب، WhatsApp) الذي يتم بواسطته تبادل 17 مليار ارسالية في اليوم، و(سناب تشات، SnapChat) بـ100 مليون ارسالية و50 مليون صورة يتم تبادلها عبره يوميا، أو كذلك (لاين، Line) الذي تجاوز الـ100 مليون مستعمل في يناير/كانون الثاني الماضي.

وأشارت راشيل ميتز من مجلة "تكنولوجي" مؤخرا إلى نفس الظاهرة: نمو تطبيقات "التواصل الاجتماعي سريع الزوال".

لقد تضاعف استخدام تطبيقات مثل "سناب تشات" الذي يسمح لك بإرسال رسالة مع الاحتفاظ بتسجيلها فقط لزمن محدود. لماذا؟ لأنه وإذا ما حققت هذه التطبيقات نموا مطردا فلأن استخدامها لإرسال الرسائل يعتبر أقل كلفة مقارنة بإرسالها بواسطة الهاتف الجوال.

كما ان نجاح هذه التطبيقات يتأتى من كونها تقدم للمستخدمين تقنية سهلة لمراقبة معطياتهم الشخصية.

"واحد من الأسباب الذي جعل من هذه التطبيقات تلاقي هذا النجاح هو أنها تعيدنا إلى زمن عندما كان السياق هو كل ما يعنينا"، يقول لي رايني مدير "بيو انترنت ريسيرتش سنتر آند أميركان لايف بروجكت"، وهو يشير ضمنا إلى إنجازات هيلين نيسانباوم.

هل هي الإجابة عن شعورنا العميق بالقلق من تقاسم تفاصيل حياتنا على الشبكات الاجتماعية؟ أم هي وسيلة للبحث عن شيء من الخصوصية في مشروع التفريغ الضخم للمعطيات الشخصية ورقن كل ما يتعلق بها على الجدران من قبلنا ومن قبل الجمع من الأصدقاء؟ هل أن الإرساليات سريعة الزوال هي مستقبل معلومة جعلتها مواقع التواصل الاجتماعي ممركزة أكثر من اللزوم؟

بالتأكيد، تبدو هذه التطبيقات ونتائجها، ردّا على حالة الخلود التي تستولي على ذاكرتنا الرقمية، كما قال فيكتور ماير شنوبيرغر في مقابلة مع صحيفة الغارديان والتي رواها الصحفي كزافييه دي لا بورت.

يبقى أنه وإذا ما كانت هذه الإرساليات سريعة الزوال، وفي بعض الأحيان مرقمة حتى تضمن لنا أكثر ما يمكن من سرية معطياتنا الشخصية، فإن ذلك لا يعني دائما أن هذه الإرساليات سوف تحذفها حقا وبمجرد ارسالها، الأنظمة التي يقترحها بوك (Poke) وهو خدمة تقاسم سريع الزوال أطلقه فايسبوك، في تذكر على ما يبدو لعلامة التعارف القديمة التي صنعت أجمل ساعات هذا الموقع الاجتماعي، والتي لا تضمن الإلغاء النهائي للمعطيات بعد نهاية زمن تسجيلها كما يقول موقع Zdnet.

وإذا كانت هذه الأشكال من التواصل سريع الزوال والمشفرة تربح شعبية متزايدة، فإنه يمكن المراهنة على أنها سوف تنتشر في تطبيقات لمواقع تواصل اجتماعي أخرى عديدة.

ويقول بعض الخبراء "مهما يكن من امر، فإن هذه النكسة التي تسجلها مواقع التواصل الاجتماعي التقليدية تبدو ظاهرة للعيان بشكل يجعلها تستحق الملاحظة والاهتمام.. إنها (النكسة) ترنّ مثل تحذير خجول من المستخدمين. إنها طريقة ملتوية لاستعادة امتلاك ما افتقدناه دون موافقتنا".

ويضيف هؤلاء "لنقل إن النكسة هي أول شكل من اشكال الإجابة التي تبين أنه ما يزال هناك بالتأكيد، مجال لخدمات أكثر احتراما للحياة الخاصة".(ميدل إيست أونلاين)
شارك على جوجل بلس

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات :

إرسال تعليق